وصفت الكاتبة شهيرة أمين أن رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي استخدم للمرة الأولى وصف "العدو" في إشارته إلى إسرائيل، خلال كلمته في القمة الطارئة بالدوحة الشهر الماضي التي انعقدت ردًا على الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مسؤولين من حركة حماس في قطر. أدان السيسي الهجوم باعتباره "متهورًا" و"انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي"، محذرًا الإسرائيليين من أن حكومة بنيامين نتنياهو "تعرّض اتفاق السلام مع مصر للخطر" و"تعطّل أي تطبيع إضافي مع دول المنطقة".
رغم حدة التصريحات، توقفت القمة العربية الإسلامية عند حدود الإدانة اللفظية دون تهديد بردود عملية، إلا أن ضربة الدوحة غيّرت ديناميكيات العلاقة بين القاهرة وتل أبيب، وسط مخاوف مصرية من أن تصبح لاحقًا هدفًا للعمليات الإسرائيلية.

يشير موقع أتلانتيك كاونسل إلى أن اتفاق السلام الموقع عام 1979 لا يزال قائمًا رغم تصاعد التوتر. ويرى الخبير في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية عماد جاد أن القيادة المصرية ليست مستعدة للمغامرة بهذا الاتفاق أو الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، مضيفًا أن التعاون الأمني بين البلدين ما زال قويًا، وأن مصر تواصل دورها كوسيط رئيسي في مفاوضات الهدنة بغزة.

تدهورت العلاقات تدريجيًا منذ سيطرة إسرائيل على ممر فيلادلفيا في مايو 2024 بذريعة تدمير أنفاق تهريب السلاح، لكن جاد يرى أن الحل الدبلوماسي للأزمة من شأنه تخفيف التوتر وإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل الحرب. ويعد الإعلان الأخير عن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه في القاهرة مؤشرًا على إمكانية تحقيق انفراجة، إذ يؤكد اللواء سمير فرج أن الاتفاق يعني “انتهاء الحديث عن نقل الفلسطينيين إلى سيناء”، وهو ما أثار التوتر سابقًا مع مصر.

في المقابل، أثار خطاب نتنياهو الأخير القلق في القاهرة بعد أن توعّد بـ"ملاحقة حماس في كل مكان" خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو، مؤكدًا أن لإسرائيل "حق الدفاع عن نفسها خارج حدودها". زاد هذا التصعيد من المخاوف المصرية من استهداف قادة حماس المقيمين في مصر، خاصة وأن القاهرة تستضيفهم ضمن وساطتها في المفاوضات بين حماس وإسرائيل. وردّت القيادة المصرية بتحذير واشنطن من "عواقب مدمّرة" إذا استهدفت إسرائيل عناصر حماس داخل الأراضي المصرية، معتبرة أي هجوم كهذا إعلان حرب يستوجب الرد.

ورغم ذلك، يستبعد المراقبون اندلاع مواجهة مباشرة، إذ توضح شهيرة أمين أن مصر توازن بين اعتبارات الأمن القومي ومصالحها الاقتصادية والإقليمية. ورغم القلق من تعزيز الوجود العسكري المصري في شمال سيناء، الذي وصفه بعض المسؤولين الإسرائيليين بأنه "انتهاك لاتفاق السلام"، ينفي الصحفي والباحث حسام الحملاوي هذه المزاعم قائلًا إن أي تحرك عسكري في سيناء لا يتم دون تنسيق مسبق مع إسرائيل.

ويستشهد الحملاوي باتفاق الغاز الضخم البالغ قيمته 35 مليار دولار والموقع بين حقل ليفياثان الإسرائيلي ومصر في أغسطس الماضي، ليؤكد أن العلاقات بين البلدين "لا تبدو متوترة كما تروّج بعض وسائل الإعلام".

في الوقت ذاته، تواصل إسرائيل احتفاظها بقواتها في المنطقة العازلة على طول الحدود مع غزة رغم مطالبة القاهرة بانسحابها، ما يزيد من الضغط على العلاقات الثنائية. وتصاعد القلق المصري من محاولات إسرائيل دفع مئات الآلاف من الفلسطينيين للنزوح نحو سيناء، وهو ما رفضه السيسي مرارًا، مؤكدًا أن هذا التهجير “يصفّي القضية الفلسطينية من أساسها”.

ورغم الغضب المصري من قصف الدوحة، تواصل القاهرة التمسك بالمسار الدبلوماسي، إدراكًا منها لأهمية الحفاظ على حدودها آمنة ومنع تمدد الحرب داخل أراضيها، إلى جانب حرصها على استثمار موقعها كوسيط إقليمي أساسي. في المقابل، أخطأت إسرائيل حساباتها عندما هاجمت الدوحة، إذ تسببت العملية في إضعاف ثقة حلفائها العرب الجدد، ودَفعت دولًا كالسعودية إلى إعادة النظر في التطبيع.

تختتم الكاتبة بأن استمرار إسرائيل في نهجها العدواني قد يعمّق عزلتها الإقليمية، بعدما بدأت تخسر دعمًا سياسيًا وإعلاميًا متزايدًا، بينما تستخدم مصر الأزمة لتأكيد دورها المحوري في التوازنات الإقليمية.
 

https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/amid-gaza-cease-fire-hope-where-does-the-egypt-israel-relationship-stand/